يُعد مرض بهجت، أو متلازمة بهجت، من الأمراض المناعية النادرة التي تُثير التهابات في الأوعية الدموية بمختلف أنحاء الجسم، لكن تأثيره على العين يُعتبر من أخطر مضاعفاته. سمي المرض نسبة إلى الطبيب التركي خلوصي بهجت، الذي وصف هذه الحالة عام 1937، مشيرًا إلى ثلاثية أعراض رئيسية: تقرحات الفم، تقرحات الأعضاء التناسلية، والتهاب العين. في هذه المقالة، نستعرض تأثير مرض بهجت على العين، الأعراض التي يشعر بها المريض، تأثير ذلك على الرؤية، كيفية التأكد من الاصابه به بسهولة.

تأثير مرض بهجت على العين: تهديد صامت للرؤية
يُصيب مرض بهجت العين في حوالي 70% من الحالات، مما يجعله من أكثر الأعراض خطورة، حيث يُسبب التهابًا في طبقات العين المختلفة، خاصة القزحية والعنبية (التهاب العنبية). هذا الالتهاب قد يؤثر على الأجزاء الأمامية أو الخلفية للعين، أو كليهما، وقد يتسبب في مضاعفات خطيرة مثل ضمور العصب البصري، نزيف الشبكية، أو حتى فقدان البصر الدائم إذا تُرك دون علاج.
ما الذي يشعر به المريض في عينيه؟
يعاني مرضى بهجت من أعراض مزعجة ومؤلمة في العين، تشمل:
- احمرار العين: نتيجة التهاب الأوعية الدموية.
- ألم حاد: يتراوح من إزعاج خفيف إلى ألم شديد، خاصة عند التعرض للضوء.
- ضبابية الرؤية: قد يشعر المريض كأن هناك غشاوة تُعيق الرؤية الواضحة.
- حساسية للضوء (النفور من الضوء): مما يجعل الإضاءة الساطعة غير مريحة.
- فقدان مفاجئ للرؤية: في بعض الحالات، قد يُصاب المريض بفقدان جزئي أو كلي للرؤية في إحدى العينين أو كلتيهما، خاصة إذا تأثرت الشبكية بجلطات دموية.
- تشوش أو رؤية مزدوجة: نتيجة التهاب الأنسجة العصبية أو الأوعية الدموية في الشبكية.
هذه الأعراض قد تظهر وتختفي بشكل دوري، مما يُعقد من عملية التشخيص إذا لم يتم متابعة الحالة بعناية.
تأثير الالتهاب على الرؤية
التهاب العين الناتج عن مرض بهجت قد يُسبب أضرارًا طويلة الأمد إذا لم يُعالج مبكرًا. على سبيل المثال:
- جلطات الشبكية الوريدية: تؤدي إلى تدمير الأنسجة العصبية في الشبكية، مما يُسبب فقدانًا جزئيًا أو كليًا للرؤية.
- وذمة البقعة الصفراء: تُسبب تورمًا في مركز الإبصار، مما يؤثر على الرؤية الدقيقة.
- ضمور العصب البصري: يُعتبر من أخطر المضاعفات، حيث يؤدي إلى فقدان دائم للرؤية في 17.9% من الحالات.
- العمى: في الحالات المتقدمة، قد يُصاب المريض بالعمى إذا تأخر التشخيص أو العلاج.
كيف يتأكد المريض أن أعراضه ناتجة عن مرض بهجت؟
تشخيص مرض بهجت يُعد تحديًا كبيرًا بسبب تشابه أعراضه مع أمراض أخرى مثل الذئبة أو التهاب المفاصل. لا يوجد فحص واحد مُحدد يؤكد الإصابة، بل يعتمد التشخيص على:
- المعايير السريرية الدولية: تتطلب ظهور تقرحات فموية متكررة (ثلاث مرات على الأقل خلال عام) بالإضافة إلى اثنين من الأعراض التالية:
- تقرحات تناسلية متكررة.
- التهاب العين (مثل التهاب العنبية).
- آفات جلدية (مثل الحمامي العقدية).
- نتيجة إيجابية لاختبار باثرجي.
- التاريخ المرضي: يسأل الطبيب عن الأعراض الأخرى مثل تقرحات الفم أو الجهاز التناسلي، ومدى تكرارها.
- استبعاد الأمراض الأخرى: مثل مرض كرون أو التهاب المفاصل الروماتويدي، من خلال فحوصات إضافية.
الفحوصات اللازمة لتأكيد التشخيص
للتأكد من أن الأعراض العينية ناتجة عن مرض بهجت، يُجري الطبيب مجموعة من الفحوصات، تشمل:
- فحص النظر: لقياس حدة الرؤية وتقييم مدى فقدان البصر.
- فحص الشبكية: باستخدام أجهزة مثل العينية (Ophthalmoscope) أو مصدر ضوء الشبكية للكشف عن تغيرات في الأوعية الدموية أو الشبكية.
- تصوير الشبكية بالصبغة: لتقييم حالة الأوعية الدموية في الشبكية.
- تصوير مقطعي لمركز الإبصار: للتأكد من سلامة البقعة الصفراء.
- اختبار باثرجي: يُجرى بوخز الجلد بإبرة معقمة لمعرفة ما إذا ظهرت بقعة حمراء خلال 24-48 ساعة، مما يدعم التشخيص (لكنه ليس دليلًا قاطعًا).
- فحوصات الدم: لاستبعاد أمراض أخرى أو الكشف عن علامات التهاب مثل ESR وCRP، وقد تُظهر وجود العلامة الوراثية HLA-B51 التي ترتبط بالمرض.
- الرنين المغناطيسي أو تصوير الأوعية: لتقييم التغيرات في الأوعية الدموية إذا كانت هناك أعراض إضافية.
يُفضل إجراء هذه الفحوصات تحت إشراف طبيب عيون مختص بالتهاب العنبية، بالتعاون مع طبيب روماتيزم لتقييم الحالة بشكل شامل.
طرق علاج مرض بهجت في العين
لا يوجد علاج نهائي لمرض بهجت حتى الآن، لكن الهدف الأساسي هو السيطرة على الالتهاب، تخفيف الأعراض، ومنع المضاعفات مثل فقدان البصر. تشمل العلاجات:
- الكورتيزون:
- قطرات العين: لتخفيف الالتهاب في الجزء الأمامي من العين.
- حبوب فموية أو حقن: مثل بريدنيزون للسيطرة على الالتهاب الشديد. تُعد الخط الأول في العلاج، لكن جرعاتها تُعدل بعناية لتجنب الآثار الجانبية.
- مثبطات المناعة:
- العلاجات البيولوجية:
- تشمل أدوية مثل إنفليكسيماب وأداليموماب، التي تستهدف بروتينات معينة تُسبب الالتهاب. تُستخدم في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاجات التقليدية.
- علاجات الليزر:
- التدخل الجراحي:
- العلاجات المساعدة:
- قطرات مرطبة للعين لتخفيف الجفاف، وتعديل نمط الحياة مثل تجنب التدخين، تناول طعام صحي، والراحة النفسية لتقليل النوبات.
أهمية المتابعة الدورية
يحتاج مرضى بهجت إلى متابعة دورية مع طبيب عيون وروماتيزم لتقييم حالة العين وتعديل العلاج حسب شدة الالتهاب. الالتهاب قد ينشط بشكل دوري، لذا يُحدد الطبيب جدول متابعة مخصص لكل مريض.
نصائح للمرضى للتعايش مع مرض بهجت
- زيارة الطبيب فور ظهور أعراض عينية: مثل احمرار أو ضبابية الرؤية.
- الالتزام بالعلاج: تناول الأدوية بانتظام حسب تعليمات الطبيب.
- تجنب المحفزات: مثل التوتر والإصابات الجلدية.
- إجراء فحوصات دورية: للكشف المبكر عن أي مضاعفات.
- دعم نفسي: الانضمام إلى مجموعات دعم لمرضى بهجت لتبادل الخبرات.
اترك تعليقاً